خرجت المعلمتان ماريسا وكيت في نزهة حول الحي بصحبة مجموعة صغيرة من الأطفال الذين تتراوح أعمارهم ما بين 18 وحتى  30شهرًا. كانت السماء زرقاء جميلة، وبراعم العشب الخضراء متفتحة، وكانت هناك أيضًا أوراق شجر الربيع المتناثرة التي يمكن لمسها وشمها. قدِمت عائشة ذات العامين والنصف إلى معلمتها ماريسا حاملة في يديها الصغيرتين شيئًا وعيناها تبرقان. فتحت أصابع يديها لتكشف عن ثمرة جوز البلوط. وقالت: "انظري!" "ما هذا؟"

"رائع!" هذه ثمرة جوز البلوط. "لقد سقطت من الشجرة في الخريف الماضي"، قالت المعلمة، "وإذا زرعناها في الأرض ستنمو وتصبح شجرة كبيرة".

عثرت عائشة على المزيد من ثمار البلوط وشاركتها مع صديقتها برادي ذات العامين. قدمت المعلمة كيت لعائشة وبرادي أكياسًا صغيرة يجمعون فيها ثمار البلوط ومواد أخرى تثير اهتمامهم خلال النزهة. كان سير المجموعة بطيئًا بعض الشيء حيث صادف الأطفال العديد من الأشياء التي أخذوها معهم للروضة مثل أغصان الشجر، وأوراق بنية متساقطة من الأشجار، وأخرى خضراء جديدة، والكثير من ثمار البلوط.

قد يكون من الصعب اصطحاب الأطفال في رحلة خارجية سواء في الطقس الدافئ أو البارد أو في أوقات الغفوة أو الطعام. وربما يبدو اللعب الخارجي للأطفال عديم الفائدة ويخلو من فرص التعلم ولكنه في الحقيقة يستحق التجربة.

ماهي فوائد اللعب الخارجي؟

1. يساعد الأطفال على تعلم العلوم

كما رأينا في المشهد الافتتاحي من هذه المقالة فإنه لا يتعين على المعلمة التخطيط لدروس العلوم عند اصطحاب الأطفال الصغار للخارج. فالأطفال مستكشفون بطبيعتهم ويمكنك فيما بعد التخطيط لكل ما أثار اهتمامهم أثناء النزهة من خلال تحويل أسئلتهم إلى مشاريع استقصائية جماعية. وفي الحال سيكون لديك العديد من النقاط التي تستطيعين استخدامها كنقطة انطلاق لمنهج دراسي ناشئ. فمثلًا لن تنمو ثمار البلوط بسرعة لإرضاء فضول الطفل. فظهور البراعم الأولى يستغرق شهرين. ولكن هناك بذور سريعة النمو مثل البازلاء والفاصوليا الخضراء والذرة وهي مثالية للتجارب داخل الفصل. وتضيف الكتب المصورة مثل كتاب "The Carrot Seed" من تأليف روث كروس و كتاب "Growing Vegetable Soup" من تأليف لويس ايلريت مهارات تعلم الكتابة والقراءة المبكرة من خلال تعلم الأطفال لبعض المعارف والكلمات.

2. يخلق فرصًا من التفاعل الاجتماعي والتعاون

يساعد التواصل وجهًا لوجه مثل المحادثة بين عائشة ومعلمتها ماريسا في بناء أساس لعلاقات المعلمة المستقبلية عند دخول الأطفال إلى المدرسة. إن اهتمام ماريسا باكتشاف عائشة يعزز إدراك الطفلة بأنها مهمة وأفكارها ذات قيمة. لذلك يوفر اللعب في الخارج فرصة لممارسة المهارات الاجتماعية والعاطفية مع الأطفال الآخرين بما في ذلك حل المشكلات وتبادل الأدوار والتشجيع والتحكم في الذات والمخاطرة الآمنة واتباع قواعد لعبة ما. ويساعد اللعب في الهواء الطلق كذلك على تطوير التعاطف تجاه الآخرين. تخيلي مثلًا طفلًا يشجع طفلًا آخر على تجربة لعبة ما، أو طفلًا يتعاطف مع صديقه الذي سقط بينما كان يركض.

3. يعزز الصحة البدنية

تبلغ معدلات السمنة في الولايات المتحدة عند الأطفال ممن تتراوح أعمارهم بين الثانية والخمسة أعوام 14% كما تزيد هذه النسبة حتى تتجاوز 40 % عند البالغين في منتصف العمر مما يزيد خطر الإصابة ببعض الأمراض مثل داء السكري وأمراض القلب  (Hales et al. 2017).  وهذا هو أحد الأسباب الذي دعا الأكاديمية الأمريكية لطب الأطفال أن تقترح “وصفة اللعب” لجميع الأطفال… (Yogman et al. 2018, 10). كما تنصح نيمورس للخدمات الصحية والوقائية باللعب الخارجي المُشرف عليه للأطفال من الولادة وحتى سن الخمس سنوات  (Hughes 2009). وتدعو نيمورس جميع الأطفال الفُطم لممارسة ما لا يقل عن 30 دقيقة من الأنشطة البدنية المنظمة التي يقودها الكبار وما لا يقل عن ساعة يوميًا من الأنشطة البدنية غير المنظمة التي يقودها الطفل. اللعب في الخارج هو وسيلة رائعة لنمذجة متعة النشاط البدني. فعندما يجري الأطفال ويقفزون ويتسلقون ويرمون الكرات ويركلونها ويصعدون على الألعاب التي تتطلب التوازن فإنهم يبنون أيضًا مهارات حركة العضلات الكبرى.

4. يوفر اللعب في الخارج سياقات تعليمية جديدة

يمكن استخدام المساحات الخارجية للقيام بأنشطة تعليمية مخطط لها يصعب تنفيذها في الداخل. فهناك فائدة كبيرة عندما يتم تصفح كتاب عن الطبيعة تحت ظلال شجرة، أو صب المياه على طاولة مياه في الخارج، وبناء مجسم كبير في صندوق الرمل، وجمع أوراق الشجر المتناثرة، ومشاهدة موكب من النمل، واللعب الإيهامي في الملعب. ولتحقيق فائدة أكبر من الأنشطة الخارجية يمكنكِ التفكير في أنشطة إبداعية مبهجة وجاذبة تستثمر في حاجة الأطفال إلى الحركة مع تحقيق أهداف المنهج الأخرى أيضًا. على سبيل المثال: إنشاء لعبة فرز حيث يجب على الأطفال العثور على جميع الكرات الصفراء وكل الكرات الحمراء المخبأة في الخارج، ثم ترتيبها في مجموعتين.

5. يساعد على النوم الجيد

أظهرت إحدى الدراسات التي تم إجراؤها على الأطفال من عمر سنتين وحتى خمس سنوات أن الأطفال الذين يمارسون اللعب الخارجي يحظون بنوم أفضل في الليل (Deziel 2017).  وذلك قد يُعزى إلى الأنشطة البدنية وتقليل التوتر والتعرض إلى الإضاءة الطبيعية التي يستفيدون منها خلال اللعب في الخارج (Coyle 2011).   وإليكِ معلومة ربما يتوجب أن تشاركيها مع أولياء الأمور: الطفل السعيد المتعب من اللعب هو من يستطيع النوم جيدًا.

6. يعطي الأطفال فرصة لخوض بعض المغامرات

يحب الأطفال الفُطم أن يتحدوا أنفسهم للقيام بأشياء جديدة وصعبة مثل اللعب مع الحيوانات الأليفة أو صعود بعض السلالم أو الابتعاد قليلًا عن مقدم الرعاية ثم العودة. يوفر اللعب بالخارج فرصًا للركض بسرعة والتسلق إلى الأعلى والقفز إلى مسافات أبعد. وكل ذلك يكون تحت إشراف أحد الكبار.

7. يساعد في الحصول على مخرجات تعليم أفضل عندما يعود الأطفال لممارسة أنشطة أخرى

تظُهر الأبحاث أن الأطفال الأكبر سنا يكونون أكثر انتباها وإنتاجية في الفصل عندما تكون فترة الراحة - في الداخل أو في الخارج-  جزءًا من اليوم المدرسي (Council on School Health 2013).  فإذا كان الأطفال الأكبر سنًا يحتاجون إلى فترات راحة لأدمغتهم فالأطفال الصغار يحتاجون ذلك أيضًا.

8 . يدعم مهارات العلوم والتقنية والهندسة والرياضيات (STEM)

هل تتذكرين صنع الفطائر وقلعة الطين عندما كنتِ طفلة؟ تعد الأماكن الخارجية مكانًا مثاليًا للمشاريع الكبيرة )الفوضوية( التي تدعم مهارات الستيم) STEM العلوم والتقنية والهندسة والرياضيات( مثل البناء واللعب بالرمل والماء واستكشاف الطبيعية. يمكن تطبيق أغلب الأنشطة الداخلية في بيئة خارجية مما يزيد من فرص الاستكشاف.

9 . يعزز من ارتباط الأطفال بالعالم الواقعي

يعتبر التحدث مع الأطفال عن الطيور ومشاهدة صور لها فكرة جيدة، ولكن مشاركة الصور والتجربة في البيئة الواقعية يعد خيارًا أفضل. فمثلًا عندما يُسأل الطفل “ أنني أتساءل ما الذي يفعله ذلك العصفور عند العشب؟ انظر! أجل، انظري. إنه يجمع بعض الديدان.” يطور الأطفال معلومات أكثر شمولًا عن عالمهم من خلال المشاهدة والمراقبة والتوقع والتعلم في اللحظة.

الخاتمة

يقدم اللعب الخارجي الكثير من الفوائد للأطفال ولمقدمي الرعاية أيضًا. ويبدو كأنه استراحة منعشة في جدول اليوم الدراسي – فما أروع أن يخصص بعض من الوقت للنظر والاستماع والاستكشاف والملاحظة والحركة. وقد يساعد قضاء الوقت في الخارج على تحسين الصحة الجسدية والعقلية وتحسين النوم وتحقيق مكاسب معرفية واجتماعية وعاطفية للأطفال. التركيز على اللعب الخارجي وضمان وجوده في الجدول اليومي يدعم التعلم المبكر في جميع المجالات وينتج عنه كمية كبيرة من البهجة والمرح - لك ولأطفالك.

فكري في الأمر

• تأملي مشاعرك حول الأنشطة الخارجية. ما الذي تستمتعين به وما الذي لا يعجبك؟
• ما هي أهدافك للعب الخارجي؟ (يمكن أن تختلف هذه الأهداف من يوم لآخر وذلك اعتمادًا على احتياجات الأطفال والموسم والمساحات والمواد التي يمكنك توفيرها من أجل الأنشطة المخططة والأنشطة غير المخطط لها.)
• ما الإجراءات الروتينية التي يمكنك القيام بها لمساعدتك في أخذ الأطفال للعب في الخارج؟ (تخصص بعض الروضات وقتًا للعب الخارجي في بداية ونهاية كل يوم. لذلك لا حاجة للتعامل مع معاطف الأطفال وقبعاتهم في منتصف اليوم).
• ما هي المعوقات الموجودة في الفصل أو الروضة التي تعيق من اللعب الخارجي؟ وكيف يمكنك التعامل معها؟
• كيف يمكنك مشاركة أنشطة الأطفال الخارجية وإنجازاتهم مع أسرهم؟

جربي الآتي

• ادمجي بين اللعب المنظم (الذي تختارين فيه الأهداف وترتبين الأنشطة التي ستوافقها) واللعب غير المخطط.
• عندما لا يكون الطقس في الخارج مستقرًا، اختاري اللباس المناسب للطقس ليكون جزءًا من مغامرة اللعب في الخارج. فعلى سبيل المثال لاحظي صوت ورائحة المطر وصوت خطوات الأحذية عند المشي على أرضية مبللة، وكيف تتجمع مياه الأمطار على الأوراق . (حاولي توفير ملابس إضافية تناسب الطقس في حال احتاجها الأطفال إن أمكن).
• العالم هو لوحتك: حربي الرسم بالطباشير على الأرصفة أو استخدام فرش وبكرات كبيرة للتلوين بالألوان المائية.
• ابدئي بتكوين مجموعة: اجعلي الأطفال يجمعون أشياء محددة - أوراق الشجر أو الصنوبر أو الصخور أو أي شيء يجذبهم. واستخدمي هذه المواد في أنشطة التصنيف عندما يرجعون إلى الفصل. ويمكن ترتيب هذه الأشياء حسب الشكل أو اللون أو الملمس.
• التقطي صورًا أو سجلي مقاطع فيديو لاكتشافات الأطفال وتجاربهم في الفصل وخارجه. انشري الصور أو مقاطع الفيديو في مكان يمكن للأطفال وعائلاتهم رؤيتها. جهزي كتيبًا يوضح أنشطة الأطفال وما يتعلمونه خلال اللعب في الخارج.

References

Council on School Health. 2013. “The Crucial Role of Recess in School.” Policy statement. Pediatrics 131 (1). http://pediatrics.aappublications.org/content/131/1/183.

Coyle, K.J. 2011. Green Time for Sleep Time: Three Ways Nature and Outdoor Time Improve Your Child’s Sleep: A Guide for Parents and Caregivers. Reston, VA: National Wildlife Federation. www.nwf.org/~/media/PDFs/Be%20Out%20There/BeOutThere_GreenTimeforSleepTi....

Deziel, S. 2017. “5 Reasons Why Every Kid Should Play Outside.” Today’s Parent. www.todaysparent.com/kids/kids-health/unexpected-benefits-of-outdoor-play/.

Hales, C.M., M.D. Carroll, C.D. Fryar, & C.L. Ogden. 2017. “Prevalence of Obesity Among Adults and Youth: United States, 2015–2016.” NCHS Data Brief #288. Hyattsville, MD: National Center for Health Statistics (NCHS). www.cdc.gov/nchs/data/databriefs/db288.pdf.

Hughes, D. 2009. Best Practices for Physical Activity: A Guide to Help Children Grow Up Healthy for Organizations Serving Children and Youth. Newark, DE: Nemours Health and Prevention Services. www.nemours.org/content/dam/nemours/www/filebox/service/preventive/nhps/paguidelines.pdf.

Yogman, M., A. Garner, J. Hutchinson, K. Hirsh-Pasek, & R.M. Golinkoff. 2018. “The Power of Play: A Pediatric Role in Enhancing Development.” Clinical Report. Pediatrics 142 (3): 1–18. http://pediatrics.aappublications.org/content/pediatrics/142/3/e20182058....

يكتب مقالات Rocking & Rolling متخصصين في تعليم الرضع والفطم، وساهمت بهذه المقالات المنظمة غير الربحية ZERO TO THREE . وهي منظمة تعمل على تعزيز صحة وتنمية الرضع والفطم من خلال تحويل البحوث والمعرفة إلى مجموعة من الأدوات العملية والموارد ليستخدمها الكبار الذين يؤثرون على حياة الأطفال الصغار. يمكنكِ الاطلاع على المقالة عبر الرابط التالي: NAEYC.org/resources/pubs/yc/columns