تعلم الحساب من خلال اللعب في سياق المعايير التعليمية والمساءلة Playful Math Instruction in the Context of Standards and Accountability
You are here
عندما أدخل على الأطفال في الفصول الدراسية بمرحلة ما قبل المدرسة عند ماريلو، أجدهم يرتدون فردة واحدة من أحذيتهم؛ فأشعر بالارتباك. لقد كنت أتوقع أن أشاهد درسًا في الحساب، وبدلًا من ذلك أشاهد الأطفال يلقون أحذيتهم في كومة. وبسرعة أُدرِكت أن ذلك يمثل نشاطًا حسابيًا.
لقد رسمت ماريلو شبكة مكونة من 6 × 10 مربعات على ستارة حمام تم بسطها على الأرض. وهي تطلب من الأطفال تصنيف الأحذية في ست أكوام، طبقًا لسمات معينة اتفقوا عليها – الصنادل والأحذية سهلة الارتداء، والأحذية ذات الأربطة، إلخ. ثم في الصف الأسفل من الشبكة، يضعون فردة واحدة من كل كومة في المربع الخاص بها، ويتبعها بقية الأحذية من تلك الكومة، كل واحدة في مربع من المربعات الموجودة أعلى الحذاء الأول. وبعد أن يحسب الأطفال عدد الأحذية في كل فئة مميزة بحرف معين ("ر" للأحذية ذات الأربطة، إلخ.)، يقومون تحت كل عمود بكتابة إجمالي عدد الأحذية في تلك الفئة ويواصلون المناقشة: ما نوع الأحذية التي ارتداها معظم الأطفال وهم ذاهبون إلى المدرسة اليوم؟ ما عدد أحذية فيلكرو التي قد يحتاجونها حتى يصير عمود الفيلكرو بنفس ارتفاع عمود الأحذية سهلة الارتداء؟
بالنسبة للأطفال، كان هذا النشاط مجرد لعبة،
وبالنسبة لماريلو، كان عملًا جادًا. إنها في هذا الدرس جعلت الأطفال ينخرطون في عناصر متعددة من مقرر الحساب – التصنيف والمهارات العددية الأساسية (العد ومقابلة واحد بواحد، وعد العناصر في مجموعة معينة، وكتابة الأرقام)، وتخطيط المنحنيات البيانية، والقياس.
وفي إحدى مراحل ما قبل المدرسة التي قمت بزيارتها، كان الأطفال يستكشفون الخصائص المحددة للأشكال. ففي ساحة اللعب، وقف ثلاثة أطفال على مسافات متساوية من بعضهم البعض، وقد تم شد حبل حولهم، ليشكلوا بذلك مثلث متساوي الأضلاع. وسألهم المدرس جوان عن ماهية الشكل الذي كونوه وكم زاوية وضلع يحتوي عليه. ثم طلب بعد ذلك من أحد الأطفال أن يتحرك، تاركًا الحبل مشدودًا، ثم كرر الأسئلة. وجعل جوان أيضًا الأطفال يقفون بحبل مشدود في مجموعات مؤلفة من أربعة، ثم يتحركون ليشكلوا مستطيلًا من ضلعين طويلين وضلعين قصيرين، وبعد ذلك يتحركون لتكوين أربعة أضلاع متساوية. وقام بطرح سلسلة من الأسئلة – ما عدد الزوايا التي يحتوي عليها الشكل، وما عدد الأضلاع؟ ماذا يُطلق على المستطيل متساوي الأضلاع؟ ما هو الشيء المشترك بين جميع المستطيلات؟
بعض الأطفال الذين لم يشاركوا مباشرة في الشكل قاموا بتسلق هيكلًا مخصصًا للعب، لمشاهدة الأشكال من أعلى، وهتفوا بحماس مجيبين على أسئلة جوان.
وفي الفصول الدراسية الأخرى، لاحظت الأطفال وهم يعدون بحماس تشكيلات من المحايات، والدمي الصغيرة التي على شكل حيوانات، والكرات القطنية الملونة، والأزرار، ثم يصورون بعد ذلك ما عدوه على الورق – غالبًا ما يكون ذلك برسم الأشياء أو برسم دائرة لتصوير كل غرض، ووضع الأغراض على التصاوير الخاصة بها لضمان العد الصحيح. ولقد شاهدت الأطفال الصغار وهم يلعبون لعبة الورق War، حيث كانوا يعدون الرموز (القلوب الحمراء والقلوب السوداء والأشجار والكاروهات) على كل ورقة تحمل رقمًا يتم اللعب بها لتحديد أي الأوراق لديه العدد الأكبر. (يمكن للمعلمين أن يجعلوا اللعبة أكثر تعقيدًا بجعل كل
طفل يعلب بورقتين ويجمعهما، ثم يقارن المجموع بمجموع الطفل الآخر.) لقد رأيت أطفالًا ينقبون عن الأشكال في الفصل الدراسي الخاص بهم، ويتجادلون حول ما إذا كانت النافذة ذات الزوايا المعقوفة قليلًا مستطيلًا بالفعل. ولقد شاهدت معلمًا يقرأ كتابًا مصورًا ويطلب من الأطفال العثور على أشياء معينة أمام المنزل المصور في الكتاب، أو أعلاه أو بجواره أو خلفه، ويطلب منهم أيضًا تحديد الكلاب الأكبر والأصغر حجمًا في الرسوم التوضيحية.
مهارات اللعب مقابل المهارات الأكاديمية إنها ليست لعبة لا طائل من ورائها
هل كان الأطفال المشتركين في هذه الأنشطة يدركون أنهم يشاركون في دروس الحساب؟ المرجح هو أنهم لم يكونوا يعلمون. ولكنهم كانوا بالفعل يتعلمون الحساب من خلال ما أُطلِق عليه التعلم من خلال اللعب.
إن جميع هذه الألعاب كانت متعمدة من جانب المعلم، الذي كانت لديه في ذهنه أهداف خاصة بتعلم الحساب. ولقد كانت جميعها مُخططة بعناية. وقد أضاف بعضها قيمة متمثلة في السماح للأطفال بالتحرك في المكان، ما جعل النشاط أكثر إمتاعًا لأولئك الذين يجدون صعوبة في الجلوس في مكان واحد. وفي جميع هذه الأنشطة، كانت لدى المعلم فرصة لتقييم فهم الأطفال من خلال الملاحظة ومن خلال دعوة أطفال معينين للمشاركة في الحوار.
ليست هناك حاجة للاختيار بين اللعب وبين تعليم المعارف والمهارات الأكاديمية.
إن هذا قد لا يبدو مثل التدريس الأكاديمي القائم على المعايير التعليمية، ولكنه كذلك بالفعل. إن الكثير من معلمي الأطفال الصغار قلقين، على نحو يمكن تفهمه، بشأن الضغوط التي تفرضها عليهم المعايير التعليمية والمساءلة الحالية التي أصبحت مفروضة على مراحل ما قبل المدرسة. ولقد صرح لي الكثيرون منهم ببواعث قلقهم بشأن إمكانية تعارض هذه الضغوط مع ما يحتاجه الأطفال الصغار بالفعل – مثل الفرص اليومية الفعلية للتعلم من خلال اللعب. كما أن بعض المعلمين قلقون أيضًا من أن تعليم المهارات الأكاديمية في مرحلة عمرية مبكرة يمكن أن يقوض الفضول والتحفيز الموجودين بشكل طبيعي لدى الأطفال. ولكن هذه الأمثلة على تعلم الحساب من خلال اللعب توضح أنه ليست هناك حاجة للاختيار بين اللعب وبين تعليم المعارف والمهارات الأكاديمية. وقد أثبتت الكثير من الأبحاث أن الأطفال الصغار يستمتعون بتعلم الحساب ويمكنهم تعلم أكثر بكثير مما كان مفترضًا في السابق – دون استخدام أي بطاقة استذكار أو ورقة عمل (مجلس البحوث الوطنية 2001؛ كليمينتس وساراما 2014؛ كاربنتر وغيره 2016).
وتعلم الحساب من خلال اللعب يتمتع بميزة إضافية: يمكن بسهولة دمج تنمية المهارات الاجتماعية في أنشطة الرياضيات التي يخطط لها المعلم. لقد أثبت البحث أن بعض أنواع الألعاب اللوحية (مثل ألعاب المسار الخطي التي تتضمن الكثير من العد، مثل لعبة السلم والثعبان) تعزز القدرات الحسابية لدى الأطفال (سيجلروراماني 2009). وهي أيضًا تدرب الأطفال على اتباع القواعد، وتبادل الأدوار، والفوز والخسارة بروح رياضية. وبالمثل، فإن نشاط تصنيف الأحذية عند ماريلو يتطلب من الأطفال أن يناقشوا ويتفقوا حول التصنيفات وأن يرفعوا أيديهم للإجابة على الأسئلة، كما أنه يسمح للجميع بالمشاركة. كما يتطلب نشاط تكوين الأشكال، الذي قدمه جوان، من الأطفال أن يتفاوضوا حول من يتحرك إلى أي مكان، استجابة لتوجيهات المعلم، وكذلك أن ينتبهوا للأخرين المشاركين في تكوين الشكل. والأطفال هنا لا يتعلمون الحساب بدلًا من المهارات الاجتماعية؛ إنهم يتعلمون الحساب بجانب المهارات الاجتماعية.
أنشطة الحساب بمبادرة من المعلم مقابل أنشطة الحساب بمبادرة من الأطفال
لماذا تعد الأنشطة المتعمدة والمخططة ضرورية؟ ألا يحتاج المعلمون إلى دمج التعلم الأكاديمي في الأنشطة التي يبادر بها الأطفال لجعلها متمحورة حولهم؟ فعلى سبيل المثال، ألا يمكن للمعلمة أن تستغل بناء الأطفال لقلعة بالمكعبات في مساعدتهم على تعلم تناسب المقاسات؟ ألا يمكنها أن تعطي درسًا تلقائيًا في العد والمقارنة لمجموعة من الأطفال يتجادلون حول عدد دمى حيوانات المزرعة التي يحصل عليها كل واحد منهم؟
نعم، إن المعلمين يجب أن يقتنصوا فرص التعلم التي تظهر أمامهم بشكل طبيعي وتلقائي. ومع ذلك، فإنهم لا يمكن أن يعتمدوا بالكامل على الفرص التلقائية للتعليم التي تنشأ بمبادرة من الأطفال، لأنها يمكن أن تترك الترتيب الذي تُقدم به المفاهيم الحسابية – أو حتى احتمالية تقديمها – للصدفة إلى حد كبير. وإضافة إلى ذلك، فإن المعلمين إن اعتمدوا فقط على مبادرات الأطفال، فإن فرص الأطفال في التعلم سوف تختلف بدرجة كبيرة؛ فالبعض سيكون لديهم فرص كثيرة، بينما قد لا يتاح للآخرين سوى القليل من الفرص. وعلاوة على ذلك، فإن المعلمين إن لم يخططوا لأنشطة معينة لمجموعات صغيرة ومجموعات كاملة، مما يعطي معلومات منتظمة فيما يتعلق بمعرفة الأطفال ومهاراتهم، فإنهم قد يواجهون صعوبة في متابعة ما يفهمه الأطفال وما يحتاجونه من دعم من أجل النمو والتعلم.
وإن معايير الحساب التعليمية لا تمنع المعلمين من تطبيق أنشطة ممتعة ومعتمدة على الألعاب، كما أنها يمكن أن تساعد المعلمين على تحديد محتوى وترتيب الأنشطة التي يقيمونها. وبينما يمكن للمساءلة أن تكون مفيدة أو مسببة للمشاكل، طبقًا لكيفية تطبيقها، إلا أن معايير الحساب التعليمية لا تزال نافعة، فلقد تم وضعها بعناية ومعالجتها من جانب مجموعات متنوعة من خبراء مجالات المحتوى وأخصائيين التربية والتعليم، ومن ثم فإن المعلمين ليس عليهم أن يكتشفوا كل شيء بأنفسهم.
وضع المعايير التعليمية، والمسائلة، والعمل الخاص بالمقررات الدراسية الجاهزة
إن المعايير التعليمية يمكن أن تكون مخيفة، ولكنها ذات قيمة. فمعايير الحساب التعليمية الموضوعة في الولايات والأحياء، والمنظمات الأخرى، مثل هيد ستارت (Head Start)، تبدو كوجهة مرغوبة من جانب الخبراء. فإذا ما لم يعرف المعلمون الوجهة التي يريدون أن يصلوا إليها، فإنهم سوف يمرون بوقت عصيب بينما هم يحاولن استكشاف كيفية وصولهم إلى تلك الوجهة.
ومع ذلك، فإن المعايير التعليمية يجب أن ترشد، وليس أن تفرض، طريقة التعليم. لقد راقبت بعض المعلمين الذين يتوقون إلى استيفاء المعايير التعليمية أو اتباع المناهج الدراسية القائمة على تلك المعايير، ووجدتهم يقومون بتدريس مفاهيم متطورة جدًا على بعض الأطفال. وعندما يحدث ذلك، يصبح الأطفال بسرعة ضجرين ومحبطين – أو فقط يرفضون المشاركة.
إذا ما اعتمد المعلمون على مبادرات الأطفال فقط، فإن فرص الأطفال في التعلم سوف تختلف إلى حد كبير.
إن المعايير التعليمية يمكن أيضًا أن تستهين بما يكون بعض الأطفال مستعدين لتعلمه. ولقد خلصت دراسة حديثة لعينة نموذجية تمثل رياض الأطفال على الصعيد الوطني، إلى أن الأطفال قبل دخولهم روضة الأطفال، يكونون قد أتقنوا بالفعل معظم المهارات الحسابية التي أفاد معلمو روضة الأطفال بأنهم يدرسونها (إنجل وغيره 2016). وعلى سبيل المثال، فإنه على الرغم من أن الأغلبية العظمى من الأطفال الذين يلتحقوا بروضة الأطفال يتقنون مهارات العد الأساسية، كما ويستطيعون التعرف على الأشكال الهندسية البسيطة، إلا أن معلميهم أفادوا بأنهم كانوا يمضون 13 يومًا شهريًا مركزين على هذا المحتوى. وعلى الرغم من أن القليل جدًا من الأطفال الذين يدخلون الحضانة تكون لديهم معرفة أساسية بالجمع والطرح، إلا أنه لا يُخصص لهذه المهارات سوى 9.5 يومًا تقريبًا فقط في الشهر. ويشير هذا البحث إلى أن المعلمين لا يدرسون عادة الجوانب المفاهيمية الأعمق للعد الأساسي والأشكال الأساسية، وأن قضاء المزيد من الوقت في تدريس المحتوى الجديد على الأطفال، مثل الجمع والطرح الأساسيين، يؤدي إلى إنجاز أعلى في مادة الحساب (إنجل وغيره 2016).
وفي نهاية المطاف، فإنه بينما تساعد المعايير التعليمية على توضيح الأهداف التعلم السنوية، إلا أن المعلمين يجب أن يحددوا الأهداف قصيرة الأجل الملائمة لطلابهم. إن الأطفال يلتحقون بالفصول الدراسية بمعارف ومهارات متنوعة، ويجب أن تتواكب العملية التعليمية مع مستوى الأطفال – أو أن تتخطى هذا المستوى قليلًا، على نحو ما يطلق عليه عالم النفس الروسي ليف فيجوتسكي (1978) منطقة التطور الأقرب (ما يمكن للطفل أن يقوم به بالقليل من المساعدة أو التوجيه). مع تقدم الأطفال خلال مرحلة ما قبل المدرسة والصفوف الابتدائية، فإن البعض قد يحتاج إلى التدريس المركز على المعايير التعليمية الخاصة بالأطفال الأصغر بسنة أو سنتين. فهم يحتاجون إلى إتقان تلك المهارات وتلك المعرفة قبل أن يتمكنوا من التعامل مع المعايير التعليمية الخاصة بمستوى الصف الدراسي. وهذا يعني أن المعلمين يجب أن يعدلوا أساليب تدريسهم لمساعدة الأطفال على إتقان المهارات اللازمة، كما أن المدارس يجب من حيث المبدأ أن تقدم المزيد من الدعم لبعض الطلاب. وهناك أطفال آخرون قد يكونون مستعدين للمضي قدمًا وتحصيل المعارف والمهارات المتوقعة من أطفال يكبرونهم بسنة أو حتى سنتين. وباختصار، فإن المعايير التعليمية تمنح أهدافًا مفيدة، ولكن وحدهم الأطفال هم من يستطيعون أن يبينوا لك من أين تبدأ.
خرائط الطريق عامل مساعد
إن معرفة الوجهة النهائية تختلف كثيرًا عن امتلاك خريطة الطريق، التي يحتاجها المعلمون أيضًا لدعم تقدم الأطفال. وبالإضافة إلى المعايير التعليمية، فإن المعلمين يحتاجون لمعرفة الترتيب الذين يتقن من خلاله الأطفال عادةً المفاهيم والمهارات الحسابية. وبمعرفة مسارات التعلم النمطية، يستطيع المعلمون تحديد الخطوة التالية في تقدم الأطفال نحو استيفاء أي معيار تعليمي.
ويعرف الباحثون الآن الكثير حول المسارات النمطية (مثال: انظر كليمينتس وساراما 2014). وعلى سبيل المثال، فإنك إذا ما جمعت شيئين إلى مجموعة مؤلفة من ستة أشياء عدها طالب بمرحلة ما قبل الدراسة للتو، وسألته: "كم يبلغ عددهم الآن؟"، فإن معظم الأطفال سوف يقوم أولًا بعد المجموعة الجديدة بأكملها من البداية (من واحد إلى ستة) قبل عد آخر اثنين تمت إضافتهما. وفيما بعد، في مرحلة أكثر تقدمًا، فإنهم سوف يبدؤون بالعدد الذي تحتوي عليه المجموعة السابقة (ستة) ويجمعون معه الأشياء
الإضافية (سبعة، ثمانية) للحصول على المجموع (سيجلر 2016). والطفل الذي يبدأ العد مرة أخرى من البداية يحتاج إلى مساعدة لكي يتعلم تذكر العدد السابق. فيمكن للمعلمة أن تلعب لعبة "إخفاء المجموعة" بوضع يدها أو فنجان على المجموعة، وسؤال الطفل عما إذا كان يستطيع استنتاج عدد الوحدات الموجودة في المجموعة دون رؤية الأشياء التي عدتها للتو. والطفل الذي يبدأ بالعدد الذي تحتوي عليه المجموعة السابقة ويجمع معه الأشياء التي تمت إضافتها، يمكن أن يُعطى مجموعات أكبر، أو يُطلب منه حل مسائل تتضمن طرح بعض الوحدات (العد التنازلي).
ومثال آخر على مسار التعلم هو أن الأطفال غالبًا ما يكونون قادرين على تحديد الأشكال النمطية الأولية قبل أن يتمكنوا من التعبير عن الصفات المميزة للأشكال. وبمجرد أن تتكون لدى الأطفال فكرة عامة عن الأشكال الأساسية، ويعرفون أسماء تلك الأشكال، فإن المعلمين يستطيعون أن يستخدموا أنشطة معينة مثل لعبتي الحبل وصيد الأشكال، المشار إليهما سابقًا، لمساعدة الأطفال على فهم الخصائص المُحددة لأشكال مُعينة. والأطفال الذين لديهم هذا الفهم يمكن أن يكونوا جاهزين لتعلم أشكال أكثر تعقيدًا. ولأن تحديد الخطوة التالية تتطلب معرفة مستوى الطفل الحالي بالنسبة لمسارات التعلم النمطية، فإن الأنشطة التي توفر معلومات حول معرفة الطفل ومهاراته الحالية تتمتع بقيمة كبيرة. إن مسارات تعلم الحساب الخاصة بكل طفل على حدة ليست مطابقة تمامًا لما أوجزه الباحثون في كلمة "نمطي"، وذلك بناء على دراسة أعداد كبيرة من الأطفال. ومع ذلك، فإن البحث الخاص بالمسارات يقدم بعض الإرشادات حول الترتيب الذي يجب من خلاله تقديم المفاهيم الحسابية الجديدة.
وإن استخدام منهج دراسي بنطاق قائم على البحث والترتيب يمكن أن يساعد المعلمين على تقديم المفاهيم الحسابية بترتيب ملائم، ومن ناحية أخرى، فإن المناهج الدراسية الجاهزة ليست ضرورية (وليس كل المناهج الدراسية الجاهزة قائمة على البحث السليم). وإن الكثير من المدارس والمعلمين يطورون الأنشطة الحسابية الخاصة بهم بناء على المعايير التعليمية والبحث الخاص بمسارات تعلم الحساب. وحتى إذا ما استخدمت إحدى المدارس منهجًا دراسيًا جاهزًا، فإن المعلمين يمكن أن يكملوه بأنشطتهم الخاصة، أو بالأنشطة المطورة من جانب زملائهم، أو بتلك المتاحة على شبكة الإنترنت. وبرغم أن المناهج الدراسية يمكن أن تكون موردًا مفيدًا، إلا أن المعلمين يعرفون طلابهم أكثر مما يعرفهم واضعو المناهج الدراسية، ولذا فهم يحتاجون لعمل تكييف معين لتلبية احتياجات الطلاب.
وأحيانًا ما يشكو المعلمون من أن المسؤولين الإداريين يفرضون عليهم اتباع توجيهات صارمة بخصوص الخطوات التعليمية، فيما يتعلق بالمنهج الدراسي الذي يستخدمونه، حيث ينتقلون بذلك إلى مفاهيم جديدة بناء على أوقات معينة من السنة وليس وفقًا لدرجة إتقان الأطفال لتلك المفاهيم. إن التوجيهات الخاصة بالخطوات التعليمية مصممة لضمان تغطية كل المادة وضمان قيام المعلمين بتيسير حصول جميع الأطفال على منهج دراسي صارم. ولكن التوجيهات الخاصة بالخطوات التعليمية لا تضمن تحقيق جميع الأطفال لأهداف التعلم النهائية. فقد يبدأ بعض الأطفال من مستوى أدنى بكثير من زملائهم الذين في نفس المرحلة العمرية، أو قد يعوزهم التمكن من لغة التدريس. وقد يدخل آخرون الفصل الدراسي وهم متقنون بالفعل للمعرفة والمهارات التي يُتوقَّع حصولهم عليها بحلول نهاية العام الدراسي. إن التقيد الصارم بالتوجيهات الخاصة بالخطوات التعليمية، ينتج عنه غالبًا نوع من التدريس صعب للغاية بالنسبة لبعض الأطفال وسهل للغاية بالنسبة لآخرين.
الخلاصة
إن لكل من المعايير التعليمية والمساءلة قيمته، ولكننا يجب أن نتأكد من أنها لا تتعارض مع التعلم الممتع من خلال اللعب والذي يُركز على الطفل ويلائمه من الناحية التنموية. إن نوع التدريس المشار إليه هنا يتطلب من المعلمين أن تكون لديهم نوايا محددة، وأن يخططوا للدروس بعناية، وأن يعتمدوا إلى حد ما على التوجيه – على الأقل بالنسبة لبعض الأنشطة الحسابية. ولكن حسبما تبين الأمثلة، فإن الأطفال لا يلاحظون غالبًا أي اختلاف بين اللعب وتعلم مفاهيم الحساب ومهاراته.
المراجع
Carpenter, T.P., M.L. Franke, N.C. Johnson, A.C. Turrou, & A.A.Wager. 2016. Young Children’s Mathematics: Cognitively Guided Instruction in Early Childhood Education. Portsmouth, NH: Heinemann.
Clements, D.H., & J. Sarama. 2014. Learning and Teaching Early Math: The Learning Trajectories Approach. 2nd ed. Studies in Mathematical Thinking and Learning Series. New York: Routledge.
Engel, M., A. Claessens, T. Watts, & G. Farkas. 2016. “Mathematics Content Coverage and Student Learning in Kindergarten.” Educational Researcher 45 (5): 293–300.
National Research Council. 2001. Adding It Up: Helping Children Learn Mathematics. Eds. J. Kilpatrick, J. Swafford, & B. Findell. Mathematics Learning Study Committee, Center for Education, Division of Behavioral and Social Sciences and Education. Washington, DC: National Academy Press.
Siegler, 5.S., & G.B. 5amani. 2009. “Playing Linear Number Board Games—But Not Circular Ones—Improves Low- Income Preschoolers’ Numerical 8nderstanding.” Journal of Educational Psychology 101 (3): 545–60.
Siegler, R.S. 2016. “Continuity and Change in the Field of Cognitive Development and in the Perspectives of One Cognitive Developmentalist.” Child Development Perspectives 10 (2): 128–33.
Vygotsky, L.S. 1978. Mind in Society: The Development of Higher Psychological Processes. Rev. ed. Ed. & trans. M. Cole. Cambridge, MA: Harvard University Press.
Photographs: © iStock
Deborah Stipek, PhD, is the Judy Koch Professor of Education and the former dean of the Graduate School of Education at Stanford University. She currently directs the Heising-Simons Development and Research in Early Math Education Network (dreme.stanford.edu). [email protected]