مشروع مركز القيادة: التخلص من التوتر المرافق للمنهاج الدراسي المستجد The Command Center Project: Resolving My Tensions with Emergent Curriculum
You are here
أفكار حول المقالة / دانييل ميير، رئيس تحرير مجلة أصوات
مع توفر مجموعة واسعة من الخيارات المتزايدة في التعقيد فيما يخص تعليم الطفولة المبكرة نجد أن المعلمات والإداريات يقمن بصورة دائمة بعملية تقييم للنماذج والنُهج والمواد التي تدعم تعلم الأطفال وأكثرها نجاعة في ذلك. وكما بينت الأستاذة لوفي فانغس غريماود في هذه المقالة العميقة والأصيلة فإن عملية التأمل والاستقصاء التي تقوم بها المعلمة تعد بمثابة عدسات فاحصة دقيقة الكتشاف مكانها من المنهاج الدراسي الجديد، وتقييم مدى أهميته بالنسبة لها كمعلمة للأطفال و للأسر والأهالي. ومثلها مثل العديد من التربويات فقد انتقلت لوفي من بيئة تعليمية توصف بأنها أكثر تأصيلا وأكاديمية إلى أخرى ضمن مدرسة جديدة، توصفً بأنها تراعي اللعب أكثر وتتبنى المنهاج الدراسي الناشئ كنهج لها. ولقد قامت لوفي من خلال أدوات البحث المحترمة لدى المعلمين مثل الملاحظة الدقيقة، والملاحظات المكتوبة حول تصرفات الأطفال، وصور مساهماتهم، والمواد التوثيقية لمحادثات الأطفال بإعادة توجيه " ذاتها التعليمية من الداخل" نحو حقائق خارجية تتعلق بالبيئة الجديدة وسياقها. ومن خلال الاستماع جيدًا الاهتمامات الأطفال ورغبتهم بإيجاد مركز لقيادة الفضاء، ومراقبة ما يقيمونه من مبان وهياكل والمشاركة في ذلك، فإن لوفي بذلك تحترم الأطفال ورغباتهم الداخلية في التعلم. كما تؤكد التزامها بتعليم الطفولة المبكرة بوصفها الأساس الهام لعملية التمكين والتعليم التحويلي للأطفال والكبار. تعد لوفي شاهدة صادقة على هذه العملية، وعلى قوة المعلم الباحث وقدرته على مشاركة همومه الداخلية ومخاوفه وشكوكه فضلا عن أفراحه وانتصاراته.
تقول آن: " دعونا ننشأ مركًزا لمراقبة العمليات." " أجل. دعونا ننشأ مركز عمليات" صاح الأطفال في فصل مرحلة ما قبل المدرسة بحماس معلنين موافقتهم. سألتهم: " ألا يجب أن نتعلم عن رواد الفضاء أوًلا؟" " كلا. نريد أن نتعلم عن مراقبة العمليات أولا. لا نريد أن ندرس عن رواد الفضاء بعد الآن." يجيب دوغ. أحاول تهدئة الصوت الذي في رأسي: ولكن ماذا عن الكتب التي عثرت عليها عن رواد الفضاء والخطط التي وضعت؟
فبعد القيام بتدريس أطفال مرحلة ما قبل المدرسة لمدة 13 سنة كنت أظن أنني معلمة تتبع وتحترم اهتمامات الأطفال الذين تدرسهم. ولكن تحول طلابي الذين تتراوح أعمارهم بين الثالثة والخامسة وعددهم 23 طالبًا فجأة من دراسة رواد الفضاء إلى دراسة مراقبة العمليات كشف الخوف والنفور الذي أصبت بهما كم كنت منزعجة بسبب تغيير محور تركيزنا. ورحت أتساءل: " والآن ما العمل؟ ما الذي سأفعله؟" فقد كانت لدي خطة عندما قمت أنا وزميلتي المعلمتين بتقديم المشروع ألاصلي عن رواد الفضاء. أما الآن وأمام هذا التحول نحو دراسة مراكز قيادة العمليات، فقد شعرت بالضياع كما لو كان علي البدء من الصفر.
ولطالما كنت أنظر إلى نفسي على أنني معلمة طفولة مبكرة ناشئة تراعي اهتمامات طلابها وتدعم استكشافاتهم. فهل كنت فعًلا أراعي اهتمامات الأطفال في الماضي؟ أم أنني خمنت ما أرادوا أن يتعلموه ثم صممت أنشطة من اختياري؟
وكنتيجة لهذه التساؤلات والتأملات قررت إجراء دراسة ذاتية على ممارساتي التدريسية وكيف دعمت هذه الممارسات المشاريع التي يبادر بها الأطفال. فقد كان يعبرون عن رغبة قوية للانخراط في عملية استقصاء علمي لمراكز القيادة والتعرف عليها أكثر. أردت أن أقدم الدعم لهم على أكمل وجه ممكن، إلا أنني عانيت من التغيير المفاجئ. وكان علي أن أتذكر بأن أحد أهدافي التعليمية الخاصة كان تقديم الدعم لهم. ولذا وكوني أريد تقديم الدعم لعملية تعلم الأطفال قررت أن تكون أسئلة البحث الذي سأقوم به كالآتي:
- كيف يمكن لي مساعدة الأطفال في تنفيذ مشروعهم المستجد دون توجيه تعلمهم؟
- وكيف أستطيع دعم حماسهم تجاه الاستقصاء العلمي وفي نفس الوقت توفير تجارب وخبرات تعلمية قيّمة لهم؟
تأطير الدراسة
لقد ذكرتني عملية إعادة النظر ومراجعة المؤلفات المتعلقة بالمنهاج الدراسي الناشئ أو المستجد بأهمية التحلي بعقلية منفتحة لتجنب دفع الأطفال إلى سلك المسار المفضل لدي، ولمساعدتهم على الاستفادة من رحلتهم التعلمية (2012 Dutton).
ومع أخذ الأسئلة التي وضعتها حول ممارساتي التدريسية بالحسبان قمت بالتركيز على قبول حقيقة أن عمل المشاريع ينمو بعدة اتجاهات وبدون تقدم محدد مسبقًا وبأنه لا توجد نتائج مقررة مسبقًا حتى قبل أن تبدأ الرحلة (Rinaldi 2006).
فعندما قمت بالتحضير لمشروع رائد الفضاء كان في عقلي نتيجة مرجوة قبل أن تتوفر الفرصة لأطفال للانخراط في العملية التعلمية. ولو أنني أصررت على مشروع رائد الفضاء فأغلب الظن سيقل التساؤل والفضول لدى الأطفال لأن اهتماماتهم وأسئلتهم لن تكون هي من يقود المنهاج الدراسي (Dutton 2012).أردت أن انخرط في عملية التعلم مع طالبي (Ballenger 1999), وألا أسمح لخططي المحددة سلفًا أو مخاوفي بتوجيه وقيادة تعلمهم.
وبعد أن قررت اختيار مشروع معين خاص بالمعلم الباحث رحت انخرط بعملية استقصاء ممنهجة لتقييم ممارساتي التدريسية (2007 Henderson & Meier). ولم يسبق لي من قبل أن قمت بدراسة ذاتية لتحدي الطرق والقيم التي أؤمن بها وأهدافي كمعلمة. أردت أن اعتمد نوعا من الممارسة التأملية، وأن أدقق واتفحص عملي وأفكاري (Meier, & Henderson, Perry 2012) وأباشر في عملية من التجديد وإعادة التعريف(Stremmel 2002).
تصميم البحث
أجريت دراستي الذاتية في روضة في مدينة بيركلي بكالفورنيا، وهي روضة ناشئة وعاملة على مدار العام وتعتمد المنهج القائم على اللعب من ضمن ما تعتمد. وقد كنت موظفة في تلك الروضة لمدة سنتين قبل البدء بهذه الدراسة. استمرت الدراسة طوال الفصل الدراسي في فصل الربيع، بد ًءا من شهر يناير وحتى شهر مايو من ذلك العام . بينما تم تخصيص الفصل الدراسي الذي يكون في الخريف لمساعدة الأطفال على الانتقال إلى البرنامج.
وطوال فترة الدراسة قمت بجمع بيانات ومعلومات نوعية بطرق عدة. وفي كل يوم أدون في مذكرتي مشاعري ووجهات نظري حول تقدم الأطفال وأفكارهم. كما ركزت كذلك على دوري في الأنشطة التي يقومون بها. وسجلت ملاحظات تفصيلية وعلى أساس أسبوعي عن الأطفال وأنشطتهم ولعبهم المتصل بمشروع مراقبة العمليات الذي يقومون به. وأيضا قمت أنا وزميلاتي المعلمات بالتقاط صور وتسجيل مقاطع فيديو وأخرى صوتية لتفاعلات الأطفال مع بعضهم بعضا من جانب ومعي من جانب آخر. ولم تشتت عملية جمع البيانات البرنامج اليومي للأطفال. ثم عملت على تفريغ المحادثات المسجلة وكتابتها، واكتشفت أن قراءة ومراجعة هذه المحادثات كان أمًرا مفيدًا للغاية في تحديد وتعريف ماهية الدور الذي أقوم به.
وكنت أعمل على مراجعة البيانات والمعلومات يوميًا وأسبوعيًا طوال مدة الدراسة لتحديد وتحليل أفكار رئيسية مستجدة فيها. كما أنشأت رموًزا خاصة وطبقتها من أجل تتبع المفاهيم المتكررة، ثم قمت بمراجعة بياناتي المشفرة لتحديد الأفكار الرئيسة الكبرى أو الشاملة. فبرزت لدي ثالثة أفكار ومواضيع رئيسية فيما يتعلق بدوري كمعلمة: (1) مستوى المشاركة والتركيز لدى الأطفال (2) تصرفات وأفعال المعلمة (3 ) حالات التوتر التي تصيب المعلمة.
نتائج البحث
حددت أهم النتائج التي خرجت بها حالات التوتر التي تعرضت لها طوال مدة الدراسة، وكيف أثر إدراكي لها على تصرفاتي كمعلمة. وتسببت مثل هذه الحالات والشعور بالخوف في التشكيك بالتزام طلابي وقدرتهم على توجيه دفة تعلمهم. فلقد أردت أن أكون أنا المتحكمة. وأردت أن أكون أنا من يدرسهم ما كنت أظن أنه ينبغي عليهم أن يتعلموه، ولذلك وجدت نفسي أرغب في السيطرة. وبعد رؤية دوري من منظور مختلف صرت أتعامل مع طلابي وأنظر إليهم كشركاء في عملية التعلم.
فالتدريس هو رحلة تتطلب نوعا من إعادة التقييم بصورة مستمرة ليبقى المعلم صادقًا مخلًصا للفلسفة التعليمية التي يؤمن بها. لقد أوجبت علي رحلتي أن أنظر عن كثب وأتأمل في عدم رغبتي للتخلي عن السيطرة والتحكم. وتعلمت كذلك مدى أهمية أن يثق المعلم بقدرة الأطفال على تشكيل تعلمهم الخاص بهم وصياغته (2012 Dutton).
المشاركة والتركيز لدى الأطفال
بقيت مترددة حتى بعد أن زال الخوف الذي تملكني في بداية الأمر بسبب الانتقال من مشروع رواد الفضاء إلى مشروع مراقبة العمليات. فقد ظننت أن طلابي سيكونون غير قادرين على التركيز بما يكفي للمحافظة على اهتمامهم في مشروعهم والاستفادة منه فيما يخص تعلمهم. اعتقدت بأنه كوني إحدى معلماتهم فإنه كان يتوجب علي "تدريسهم"، الأمر الذي كان يعني أن أعيد توجيههم للتعلم حول رواد الفضاء. ولم أكن أعرف بأن السماح للأطفال الانخراط في مشروعهم الجديد سيجعلنا أراهم يركزون على مستويات لم أرها من قبل. وهذا ما أشار إليه جون ديوي (1962) من أن الكبار يلعبون دروا رئيسيًا في دعم اهتمامات الأطفال وتوجيهها. وفي اللحظة التي قررت فيها مراعاة اهتمامات الأطفال ومساعدتهم على إنشاء مشروعهم الخاص بمركز القيادة فإنني بذلك أكون قد اضطلعت بدور من يدعم ويرشد ويعزز الفرص بالنسبة لهم للقيام بأعمالهم على أكمل وجه. وتركيزهم وبحثهم ومعارفهم ومهاراتهم كلها موثقة في قصتهم المصورة " إنشاء مركز القيادة الخاص بنا".
التأمل في دوري
توثق الصور حدة وقوة تركيز الأطفال التي بانت لديهم أثناء صنع الأجزاء المختلفة من مركز القيادة. وعندما تأملت في بداية المشروع أدركت بأني مشاعر الخوف لدي وحاجتي للسيطرة والتحكم كلاهما منعاني من تجربة ما كان طلابي قادرين على فعله والشعور به.
لقد أثر الوعي بأشكال التوتر التي تعرضت لها على تصرفاتي. ونتيجة لإدراكي بأن هذا المشروع يخص الأطفال ولا يخصني رحت أتساءل عن كيفية مساعدتهم دون أن أكون أنا المتحكمة. بدأت أراقب واستمع عن كثب لمعرفة أين وكيف يمكن لي توسيع تعلمهم. ومن خلال تحليل بياناتي بصفة منتظمة اكتشفت بأن ما قمت به من ملاحظة واستماع كان مفيدًا جدًا. استثمرت اللحظات والفرص التي يمكن أن أعلم فيها ضمن العديد من مجالات التعلم مع احترام ملكية الأطفال لمركز قيادة العمليات والتعلم عن الفضاء الخارجي. النص المقتبس من الصفحات 64 - 67 هو من دفتر ملاحظاتي وما احتوى من صور وتعليقات عليها.
التخلص من التوتر
مقتطفات من البيانات #1-من المذكرة (01/30/14)
لا أعرف ما الذي حدث اليوم. فلقد غير الاطفال موضوع المشروع تماما. لا أفهم تماما متى يغيرون رأيهم. سألناهم من قبل ما الذي تريدون التعلم عنه فوافقوا كلهم على موضوع رواد الفضاء. لقد اهتممنا بالموضوع كثيرا وألبسنا فيكي ملابس رواد الفضاء. أظن بأن الكتاب الذي أحضرته آن معها قد غير من رأيهم. فقد احتوى على صورة لإحدى مركز قيادة العمليات، وأظن بأنه أثار اهتمامهم. ولا توجد لدي أدنى فكرة عن كيفية المضي في الأمر. حاولت تغيير رأيهم، إلا أنهم لم يكونوا ينصتون لما كنت أقوله. أنا حًقا أريد دعم مشروعهم، لكن أظن بأنني سأتبنى نهجا آخر الآن . سأراعي ما يريدون وأرى إلى أين سيؤدي ذلك.
مقتطفات من البيانات #2 تحت بند ملاحظات موثقة بالصور من المذكرة (02/03/14)
يعمل كل من ديلان وآن وكريس مع بعضهم على تحريك قطع الأثاث هنا وهناك في الجزء السفلي من العلية. قرروا بالإجماع بأنهم يريدون إنشاء مركز لقيادة العمليات بعدما فرغوا من قراءة كتاب آن. قمت بتوجيههم وإرشادهم من خلال توفير صور لمراكز قيادة مختلفة. وطبعت صور هذه المراكز لكي يتمكنوا من استخدامها كمراجع. عندما نظر الأطفال إلى الصور أدركوا بأن عليهم أن يعيدوا ترتيب الأثاث في المنطقة التي أرادوا إنشاء مركز لقيادة العمليات فيها. فبدؤوا بالعمل سوية على تحريك الأثاث على طول الجدار. كما قاموا بتوزيع الأدوار على بعضهم بعضا، وإخبار بعضهم بعضا عن الأثاث الذين هم على وشك أن يقوموا بتحريكه، وإلى أين سيتم تحريكه. لقد حاولت جاهدة ألا أتدخل وأقود النشاط. وبدلا من ذلك رحت أراقب وأتأكد من أنهم يحركون الأثاث بطريقة آمنة. راقبتهم جيدًا. ظلوا يقولون: " علينا أن ننقل هذه نحو الجدار ليكون هناك متسع في الغرفة، أليس كذلك يا رفاق؟" فيصرخون جميعًا: " مرحى!". عجيبة جدًا رؤية الأطفال وهم يعملون سوية عندما تتاح الفرصة لهم لفعل ذلك. وعدم التدخل وتولي الأمر كان أفضل شيء فعلته بالنسبة لهم. أتحت لهم فرصة العمل سوية وتقوية شعورهم المجتمعي الذي كنا نحاول غرسه فيهم في الفصل.
تسلط مثل هذه المقتطفات الضوء على التحول التدريجي في عواطفي خلال المشروع. ففي البداية كان هدفي هو مساعدة الأطفال في عملية تعلمهم، إلا أنني شعرت بالإحباط بسبب هذا التحول في اهتماماتهم، ولم أتمكن من تجاوز ذلك الشعور. فقد كنت متحمسة بصدق لمشروع رواد الفضاء، ولم أعلم كيف أبدأ بدعم فضولهم حول مراكز قيادة العمليات. وبغض النظرعن عواطفي ومشاعري فإن آخر ما كنت أريده هو تثبيط مشروعهم.
ومع تقدم المشروع رأيت بأن الأطفال كانوا يشتركون في أنشطة مفيدة دون توجيه مني، ووجدت بأنني صرت متحمسة لمشروعهم. وبعد التأمل في التغير الذي طرأ على دوري أدركت بأن الأطفال لهم الصدارة في البحوث التي يقوم بها المعلمون وليس أنا. فهذه الأبحاث مصممة لمساعدة المعلمين على اكتساب أساليب وطرق جديدة للنظر إلى الأطفال، وأن يصبحوا أكثر استجابة لهم (2012 Meier, & Henderson, Perry). وعند مراجعة بياناتي اكتشفت بأنني كثيرا ما كررت الكلمات الآتية: أردت وشعرت ولم أوافق. تلك هي اللحظة التي تراجعت فيها وبدأت أستمع وألاحظ بصدق.
الاستماع والملاحظة
مقتطفات من البيانات #3- ملاحظات لعملية الملاحظة والمشاهدة (02/05/14)
تنظر كل من أليس وآن إلى صور لمراكز قيادة حقيقية كنت قد طبعتها لهم. وبينما هن واقفات أمام الصور بدأن يشرن بأيديهن ويقتربن من الصور في محاولة لرؤية شيء ما. اقتربت منهن دون مقاطعتهن وحاولت استراق السمع لما يقلنه.
مقتطفات من البيانات #4 - بند مذكرة المعلمة (02/05/14)
اليوم قمت بمراقبة كل من آن وأليس وهن يلاحظن عن كثب صور مركز القيادة التي علقتها في ركن اللعب الدارمي. لقد بدأن يدركن بأنهن يردن إنشاء مركز قيادة. لذلك يتوجب عليهن النظر إلى الصور لرؤية العناصر الموجودة في مركز قيادة حقيقي. كان مركز القيادة مهجورا لعدة أيام، لكنني مسرورة لأن اهتمامهن به لا يزال موجودًا. لا أريد أن أخبرهم ما الذي ينبغي عليهم فعله، لكن ربما ينبغي علي أن أطلب من الأطفال إعداد قائمة بما تحتاجه مراكز القيادة، وأرى إلى ما سيصلون. عبرت آن عن حاجة المركز لأزرار كثيرة كما ذكرت ذلك من قبل. ربما يردن إضافة أشياء أخرى.
من خلال الاستماع للمحادثة بين آن وأليس كنت قادرة بعد ذلك على التأمل في كيفية مساعدتهن، وتقييم ما أردن فعله دون إخبارهن بما يحتجنه. كما كنت قادرة كذلك على توسيع مساحة تعلمي والتمسك بمستوى أعمق ينص على أن عملية الاستماع تعطي قيمة الآراء الآخرين ووجهات نظرهم (2006 Rinaldi).
قررت الاستفسار من الأطفال في وقت الحلقة عن الأوقات التي يحتاجونها من أجل القيام بإنشاء مركز القيادة. وبينما كنا نراقب ونقارن الصور من الإنترنت قام الأطفال بإعداد قائمة مفصلة للأشياء التي يحتاجونها. وهكذا فإن مشروعهم كان قد بدأ بصورة رسمية. وكان دوري يصبح أكثر وضوحا. وسعيت لمساعدة الأطفال على اختيار المواضيع التي تناسب تركيزهم، وصرت أقوم بدور الميسرة والجامعة للمصادر والمراجع (2007 Henderson & Meier). صرت منسقة للأحداث وأساعد طلابي، الذين هم شركائي في عملية التعلم، في التخطيط لما سيحدث لاحقًا (2012 Edwards).
استغلال واستثمار اللحظات التعليمية
مقتطفات من البيانات #5- عملية الملاحظة والمشاهدة (02/25/14)
أنا في غرفة الفصل أراقب صديقتين في مركز مراقبة العمليات. اقترب مني ليو وهو يحمل كتابًا عن الفضاء أخذه من على رف الكتب.
عندما كنت أتأمل في تفاعلاتي مع ليو أدركت بأن ردة فعلي تجاه حماسه للكتاب الذي عثر عليه قد عزز من رغبته في معرفة المزيد ودعمها. لاحظت بأن مواقف المعلم بإمكانها تشجيع أو تثبيط موقف الطفل تجاه التعلم (2007 Elkind). ونتيجة لالنتباه بشكل كامل الكتشاف ليو، وتخصيص الوقت للنظر في الكتاب سوية أظهرت له بأنني أكترث وأهتم لبحثه عن المعرفة. كما أن هذا النوع من التفاعل جعلني أكثر وعًيا وإدراكا للطلاب والتزامهم بمشروعهم.
فقد كانوا يتعلمون استخدام الكتب كمراجع، ويكتشفون بأن باستطاعتهم الانخراط في عملية من الاستقصاء العلمي. وأدركت بأنني كنت أدعم تعلم ليو وليس توجيهه. قرأت الكلمات ونقلت المعلومات له بتوجيه منه. كنا نتشارك في عملية بناء المعرفة (Cuffaro 1995).
مقتطفات من البيانات #6 - بند مذكرة المعلمة (03/08/14)
اليوم لاحظت كل من أليس وكارلي وجود علم أمريكي في إحدى صور مركز القيادة. قالت أليس: " انظري. هناك علم في الصورة". سألتهما إن كن يردن صنع علم فأجبن بنعم. وأيضا سألتهما بماذا يمكن أن نستعين من أجل أن نرى العلم عن قرب فأجابت كارلي: " أنا أعرف. حقيبة الظهر". لقد تذكرت بأن حقيبة فيكي فيها صورة للعلم الأمريكي. أحضرنا الحقيبة ووضعناها على الكرسي. سألتهما ما الذي نحتاجه من أجل صنع العلم فقالتا وهما تنظران للعلم: " نحتاج نجوما، وورقة حمراء، وورقة زرقاء، وورقة بيضاء، وشرائط". لم يكن لدينا شرائط ولا نجوم، فقررتا أن تصنعا الشرائط والنجوم.
لقد شعرتا بالحماس عندما أخبرتهما أن عليهما أن يرسما خمسين نجمة وثلاثة عشر شريطا. بدأتا بالعد وأنا وفرت لهما المساطر. لقد قامتا بعمل رائع. انضمت كل من إيلي وآن للعمل معهما فور رؤيتهما يقومان بذلك. وسوية قمن جميعًا برسم خمسين نجمة، وقمن بقصها وقطعها، ورتبنها في صفوف مسترشدات في ذلك بالعلم الموجود على حقيبة الظهر. كما قمن بعد الشرائط الملونة بالأحمر والأبيض التي سيحتجن لها، وصنعن مثلهن كذلك. شرحت لهن بأن المساطر هي للقياس ولرسم الخطوط المستقيمة. استخدمت كارلي المسطرة لعمل شرائطها.
أدى انضمامي للأطفال في حماسهم وفضولهم حول العلم الأمريكي إلى لحظة تعليمية أخرى من استخدام مجموعة من المهارات والمعارف. ومن خلال العمل على صنع العلم تحديت طلابي دون إخبارهم بما يتوجب عليهم فعله. وبدلا من ذلك قمت بطرح أسئلة عليهم لحملهم على التفكير فيما سيحتاجونه، مما ألهمهم للمزيد من الإبداع والفضول (2005 Gallenstein). وباستخدام بعض المحفزات المقصودة أدمجت لهم عملية العدّ والقياس والأنماط.
مناقشة
لقد كان التخلي عن التركيز على المشروع صعبًا، وكان ذلك بمثابة تحٍد لي إلعادة النظر في وظيفتي كمعلمة. واكتشفت بأن حالات التوتر التي كانت تصيبني إنما كانت تدل على أنني كنت أتبع مخططاتي الخاصة في الماضي. وقد تحداني طلابي لأن أصبح مالحظة ومستمعة أفضل، وهذا بدوره أسفر عن لحظات تعليمية وأتاح لي أن أوسع من عملية تعلمهم.
وحالة انعدام الأمان كانت على وشك أن تحول بيني وبين تجربة ما كان طلابي قادرين على فعله.
لقد ساعدتني هذه الدراسة على إعادة التواصل مع فلسفة التعليم التأملي وفهمها بشكل كامل. وبعد هذه التجربة، ومستفيدة من البيانات والمعلومات التي جمعتها، سوف لن أنسى أبدًا بأن التخلي عن السيطرة والتحكم، حتى عند الشعور بعدم الأمان حيال ذلك، يعني القدرة على منح الأطفال السيطرة على تعلمهم وامتلاك زمام الأمور.
المراجع
Ballenger, C. 1999. Teaching Other People’s Children: Literacy and Learning in a Bilingual Classroom. Practitioner Inquiry series. New York: Teachers College Press.
Cuffaro, H.K. 1995. Experimenting with the World: John Dewey and the Early Childhood Classroom. Early Childhood Education series. New York: Teachers College Press.
Dewey, J., & E. Dewey. [1915] 1962. Schools of Tomorrow. New York: E.P. Dutton.
Dutton, A.S. 2012. “Discovering My Role in an Emergent Curriculum Preschool.”Voices of Practitioners 7 (1): 3-17.
Edwards, C. 2012. “Teacher and Learner, Partner and Guide: The Role of the Teacher.” Chap. 9 in The Hundred Languages of Children: The Reggio Emilia Experience in Transformation, 3rd ed., eds. C. Edwards, L. Gandini, & G. Forman,
Elkind, D. 2007. The Power of Play: Learning What Comes Naturally. Berkeley, CA: Da Capo.
Gallenstein, N.L. 2005. “Engaging Young Children in Science and Mathematics.” Journal of Elementary Science Education 17 (2): 27-41.
Meier, D.R., & B. Henderson. 2007. Learning from Young Children in the Classroom: The Art and Science of Teacher Research. New York: Teachers College Press.
Perry, G., B. Henderson, & D.R. Meier, eds. 2012. Our Inquiry, Our Practice: Undertaking, Supporting, and Learning from Early Childhood Teacher Research(ers). Washington, DC: National Association for the Education of Young Children (NAEYC).
Rinaldi, C. 2006. In Dialogue with Reggio Emilia: Listening, Researching, and Learning. Contesting Early Childhood series. New York: Routledge.
Stremmel, A.J. 2002. “The Value of Teacher Research: Nurturing Professional and Personal Growth through Inquiry.” Voices of Practitioners 2 (3): 1-9.
Photographs: pp. 1, 2, 3, 6, 7, 8, courtesy of the author; 4, 5, courtesy of NASA
Luvy Vanegas-Grimaud, MA, is an adjunct professor in the Department of Child Development at Merritt College, in Oakland, California, and concurrently works at University of California, Berkeley’s Early Childhood Education Program. Luvy is actively involved in various international teacher trainings, particularly for preschool educators in Latin America and China. She is a member of the Early Childhood Education Community with Action Research Network of the Americas (ARNA).