(Caring Relationships: The Heart of Early Brain Development) علاقات الرعاية: هي أساس التطور المبكر للدماغ
You are here
من الأشياء التي تعلمناها من علم الدماغ على مدار الثلاثن سنة الماضية، أنّ من أوضح النتائج أنّ تطور/نمو الدماغ المبكر يتأثر تأثراً مباشراً بالتفاعل اليومي للأطفال الرضع مع حاضناتهم. حتى قبل الولادة، يوجد توقعات فطرية لدى الأطفال، بأنه سيكون هناك كبار يلبون احتياجاتهم (2000 Shonkoff& Phillips). كما أن بقاءهم على قيد الحياة، يتوقف على وجود هؤلاء الكبار. وإذا ما تمت تلبية توقعات الرضع من الحماية والرعاية، فإن أدمغتهم تمر بخبرة السعادة والسرور. وتقوم هذه التفاعات المبكرة السارّة بتحفيز الدماغ، وتدفع الأطفال للتواصل بكل ثقة وسهولة مع من يقومون على رعايتهم. أما إذا لم يتم تلبية توقعاتهم بالشكل المناسب، فإن ثقتهم في تلبية احتياجاتهم من خال علاقاتهم بالآخرين قد تتعرض للتحديات. وعندما يحدث هذا، فإن الطفل سيعاني في تطوره الاجتماعي والعاطفي، وذلك لأنّ التطور العاطفي للأطفال الرضع، يشكل القاعدة التي ترتكز عليها كافة أنواع التعلم الأخرى، إضافة إلى النمو العقلي واللغوي (IOM & NRC 2015; Greenspan 1990).
إنّ الخبرات المبكرة في العلاقات، سواء كانت في البيت أو في بيئة التعلم المبكرة، تمهد الطريق لعمل الدماغ في المستقبل. إنّ المعلومات التي جمعها الطفل من خلال هذه العلاقات المبكرة تشكل نواة لعملية بناء الدماغ المعقدة والثرية. وفي الوقت الذي يمر فيه الأطفال بخبرة تلقي استجابات من الحاضنات، فإن أدمغتهم تبدأ ببناء توقعات حول كيف سيُعامَلون، وكيف ينبغي عليهم أن يستجيبوا. على سبيل المثال، عندما يبكي الطفل أو ينفعل فإن استجابات الكبار الثابتة والمتسقة التي توفر له الراحة، تساعده في توقع استجابات مشابهة في المستقبل. وكلما تم تعزيز هذه التوقعات بخبرات مشابهة من خلال تكرارها، فإن أدمغة الأطفال تبني تصورات عن المحيط الاجتماعي والعاطفي الذي يعيشون فيه مثل هذه التصورات تؤثر على كيفية فهم الأطفال لبيئتهم، وتواصلهم مع الآخرين، ومشاركتهم في التعلم. وإذا كانت هذه الخبرات في الأساس إيجابية، فإن الأطفال سينظرون إلى سلوكيات ورسائل الآخرين بطريقة إيجابية، مما يدفعهم لاستكشاف المزيد والمزيد عن العالم من حولهم (بما في ذلك الناس والأشياء). أما عندما يتلقون خبرات سلبية مبكرة ومتكررة، فإنهم يتوقعون بأن تكون سلوكيات ورسائل الآخرين اتجاههم سلبية، ومن ثم يبدؤون بالنظر إلى الخبرات الجديدة مع الآخرين بطريقة سلبية.
في نمو الدماغ المبكر، تصنع الخبرات توقعًا يحفز الإدراك
سواء كانت العلاقات المبكرة للأطفال إيجابية أو سلبية بشكل كبير، فإنها تؤثر تأثيرأ كبيراً على قدرتهم على التحكم في التوتر. من عمر 0-3 سنوات، يمكن أن يكون للتوتر تأثيرات سلبية على نمو الدماغ (NRC & IOM 2009) وعندما يكون لدى الأطفال خبرات علاقات إيجابية مبكرة، فإنهم يُطورون مظاهر من التعلق بالحاضنات يتسم بالأمان والطمأنينة العاطفية، وهذا بدوره، يخفف التوتر عنهم بمستويات حدته المختلفة. أما إذا كان التوتر شديدأً ومستمراً، فإنه يصبح مرضي، ويصبح من الضروري جداً توفير حواجز وقائية عاطفية، من خال إقامة علاقات آمنة (Center on the Developing Child 2007). وعندما ينبغي على الأطفال التكيف مع التوتر الذي يمكن تحمله) أقل شدة ومؤقت (، فإن العلاقات الآمنة عاطفياً تساعد الأطفال على ضبط استجاباتهم، وبمجرد انحسار التوتر، يعودون للتركيز على الاستكشاف والتعلم. وقد عرفنا من التي دعا إليها مربو الطفولة المبكرة لعدة » الرعاية الحانية المفعمة بالحب « أبحاث الدماغ في السنوات الثلاثن الماضية بأن عقود، لم تعد هي الطريقة اللطيفة المطلوبة لمعاملة الأطفال فقط، بل أصبحت جزءاً أساسياً من نمو الدماغ المبكر.
النمو الصحي المبكر للدماغ من الميلاد وحتى سن الثالثة
خال السنوات الثاث الأولى من الحياة، يمر الأطفال في فترة «زمنية طويلة من الضعف وعدم القدرة « يعتمدون خلالها على الآخرين في الأمور التي تتعلق بسامتهم، وبقائهم على قيد الحياة، وتنشئتهم الاجتماعية (Gopnik 2017) ولأن أدمغة الأطفال مبرمجة على التعلم من حاضناتهم، فإن فترة الضعف أو عدم القدرة تعتبر نقطة قوة لا ضعف. ففترة بقاء الرضع والفطم مع الآخرين، سيشحذ أدمغتهم ويبقيها حيّة بانتظار أن تعمل/ تشتغل مستقبلاً (Hamburg 1995). ويبني الدماغ هياكل أساسية، ومسارات تعمل بمثابة الأساس لأداء الاجتماعي والعاطفي واللغوي والعقلي في المستقبل. (Schore 2005; Drury etal 2010) ولذلك، فإن العلاقات التي يمر بها الطفل كل يوم، والبيئات التي تتشكل فيها هذه العلاقات، تعتبر , اللبنات الأساسية في بناء الدماغ. ومن خال مشاركة الأطفال في خبرات التعلم مع حاضناتهم، فإنهم يشكلون أدمغتهم، لتعمل في البيئات المادية والاجتماعية واللغوية الخاصة بالأشخاص القائمن على رعايتهم. يتعلم الأطفال إلى حد كبير من خال انتباههم لتقليد سلوك الحاضنات في كيفية الشعور، والتفكير والتصرف. وببساطة، يمكننا القول بأن التفاعات اليومية لها تأثير هائل. فعلى سبيل المثال، الحاضنة التي تؤدي عادات الرعاية اليومية بلطف وتستخدم اللغة لتساعد الطفل على توقع ما سيحصل فيما بعد، إنما تُعلّمه على تعلم المزيد عن علاقات الرعاية، وتدعم أيضاً تطوره اللغوي. خال هذه الفترة التأسيسية، من المهم أن تدرك الحاضنات ضرورة إيجاد مناخ من الرعاية، مع الوضع بعن الاعتبار النمو الصحي للدماغ. وببساطة أكثر، يتطور الأطفال ويعملون بشكل جيد عندما تتوفر لهم الرعاية في محيط آمن، وماتع و مفعم بالمحبة، حيث يبنون مع حاضناتهم (ذوات الاطّاع الواسع، والحريصات على الاستجابة لاحتياجاتهم واهتمامهم( علاقات آمنة، ودائمة، تربطها جسور من الثقة (Lally 2006).
دماغ الرضيع ضعيف وعرضة للضرر، لكنه في نفس الوقت ذو كفاءة عالية. ولأجل الحصول على نمو صحي لدماغ الطفل، يجب مراعاة هاتن السمتين في نفس الوقت. فالطفل الضعيف يعتمد على العلاقات مع الكبار لبقائه الجسدي، والطمأنينة العاطفية، وبمثابة أساس آمن للتعلم، وكل هذا يساعد في ضبط الذات، والنمذجة، وتوجيه السلوك الاجتماعي، وتبادل المعلومات حول ما يدور في العالم من أشغال وقواعد العيش. ولكن في الوقت ذاته، يأتي الطفل إلى هذا العالم بكفاءة عالية كشخص فضولي، لديه حافز، متعلم مبادر، مقلّد، مفسر، اندماجي، مخترع، مستكشف، متواصل، باحث عن المفهوم والمضمون، وباني للعلاقات. وحتى ينمو الدماغ نمواً قوياً، فإنه يحتاج إلى سياق من علاقات الرعاية، التي توفر له في نفس الوقت، القدرة على التنبؤ العاطفي لتغطية الجانب الضعيف من الطفل، ومناخ من الإبداع العقلي لتغطية جانب الكفاءة. (2013 Lally)
نمو ما قبل الحمل والولادة
متى تبدأ علاقات الرعاية بالتأثير على نمو الدماغ؟ في وقت أسبق/ أبكر مما يفكر معظمنا. مع أنّ هذا المقال يركز بشكل رئيس على العلاقات التي تم بناؤها خلال الفترة الزمنية الممتدة من الولادة وحتى سن الثالثة، إلا أنّ نمو الدماغ قبل الولادة – وحتى قبل الحمل – يستحق بعض الاهتمام )لمزيد من المعلومات حول دعم النمو خلال مرحلة ما قبل الحمل ومرحلة الحمل، يمكنك الرجوع للفصلين الثالث والسابع من كتاب ([For Our Babies: Ending the Invisible Neglect of America’s Infants [Lally 2013).
إنّ صحة الأم وعاداتها قبل الحمل تشكل تطور الجنن. فقبل ثلاثة شهور من الحمل، هناك عوامل مثل طعام الأم، وشرابها، المواد السامة، والأدوية/ المخدرات، وتعرضها للضغوط والتوتر، كلها تؤثر في وقت مبكر على بيئة الرحم التي سيتطور فيها الدماغ. وهذا قد يؤثر على تعلم الطفل في المستقبل. ولأن العديد من النساء يصبحن حوامل وهنّ في ظروف صحية سيئة، ويمارسن عادات غير صحية، أصبح من الضروري تناول العلاقة بن مرحلة ما قبل الحمل (وخاصة من الثلاثة شهور قبل الحمل وحتى حدوث الحمل) (2006 Kent et al; 2006 Atrash et al). وبالإضافة إلى حملة التعليم العام لكافة المواطنن حول مخاطر ما قبل الحمل على نمو الدماغ. ينبغي على الولايات المتحدة توفير موقع آمن على شبكة الانترنت لخدمات ما قبل الحمل للنساء في سن الإنجاب، وفحص شامل للاكتئاب وغيرها من المسائل المتعلقة بالصحة النفسية.
في حالة حدوث الحمل، وبدء الدماغ بالنمو في الرحم، قد تؤثر بيئة الجنن بشكل سلبي أو إيجابي على نمو الدماغ. ويكون نمو الدماغ أسرع من أي شيء آخر خال هذه الفترة من الحياة، حيث يجري انتاج الخلايا العصبية بمعدلات مذهلة، ثم تنتقل هذه الخلايا إلى منطقة الدماغ حيث تستقر هناك طوال حياة للشخص، ثم تبدأ بتشكيل روابط عصبية فيما بينها، وتفرق وظائف الدماغ. وتستخدم الأجنة معلومات )مثل نوع وكمية المواد الغذائية التي يستقبلونها، بالإضافة إلى التوتر الذي تمر به الأم واللغة والأصوات التي يسمعها( في تشكيل أدمغتهم لتقع عليهم تلك الخبرات حال ولادتهم. ومجرد اكتمال ثلثا الطريق من الحمل، تكون قد اكتملت نسبة كبيرة من الوصات العصبية الأساسية للدماغ (Thompson, 2010).
من الولادة حتى عمر 9 شهور:علاقات الرعاية والدماغ خال فترة التعلق
خال المرحلة الأولى من النمو بعد الخروج من الرحم، ينصب الكثير من الاهتمام الأولي للرضع على بناء وتعزيز روابط آمنة مع حاضناتهم. فبدلاً من تلقي الرعاية بشكل سلبي، يسعى الأطفال الرضع وبنشاط لطلبها. فالأطفال يأتون إلى هذا العالم ولديهم مهارات جسدية، وكفاءات اجتماعية تهيئهم للعب دور نشط في تطورهم. فهم مفطورون (معدين من قبل ذلك عن طريق ترابط الخلايا العصبية وتحويلها إلى مسارات ووصات عصبية) على التفاعل مع من حولهم بطرق تثير الاهتمام و تزيد من احتمال التواصل والتقارب. (Marvin & Britner 2008) ووفقاً للتغذية الراجعة التي يتلقاها الأطفال من التواصل المتبادل في وقت مبكر، فإنهم يقومون بتوجيه سلوكيات التعلق نحو تطوير علاقات آمنة مع حاضناتهم الأساسيات. وقد أظهرت الدراسات أن طلب التعلق يتوافق مع النتائج التي تقول بأنه خال أول سنتين من نمو الدماغ، فإن عملية ربط الوصات العصبية الخاصة بالنمو العاطفي تكون الأكثر نشاطاً. ويبني الدماغ هياكل أساسية ومسارات/ ممرات من الوظائف العاطفية التي تكون بمثابة قاعدة للتعلق، والنشاط الاجتماعي والعاطفي المستقبلي، والتطور العقلي واللغوي الذي سيأتي لاحقاً. (Schore 2000) في هذه المرحلة المبكرة، يبدأ الأطفال باستخدام الرسائل التي يستقبلونها من الحاضنات، لبناء تصورات عن مدى حب الآخرين لهم. ثم يستخدم الرضع هذه التصورات لبناء نموذج العمل الأولي في كيفية التعامل مع الآخرين. وهكذا، يستقبل أطفال الرعاية، خال عمليات التواصل المتبادل، تأثيرات مباشرة على جودة التعلق الذي يبنيه الأطفال مع حاضناتهم، وتأثيرات على الموقف العاطفي الذي سيتخذونه في تفاعلاتهم مع الآخرين.
يحتاج الأطفال الصغار إلى علاقات مع الحاضنات اللواتي:
- لديهن حساسية اتجاه احتياجاتهم ورسائلهم
- يستجبن لهم في الوقت المناسب (وخاصة رسائل الضيق)
- لديهن دقة في قراءة إشاراتهم و تلميحاتهم
- يفهمن المستويات الملائمة من التحفيز (Bornstein 2012)
من عمر 7 - 18شهراً: علاقات الرعاية و الدماغ خلال مرحلة الاستكشاف
في العمر ما بن 7 – 18 شهراً، يكون لدى الأطفال دافع للبحث في بيئتهم المحيطة، والأشياء، والناس، وذلك لبناء تعريف بدائي للذات، ثم يقومون باختبار مدى قوة العلاقات واستخدامها. وباستخدام مهاراتهم الحركية للاستكشاف، فإنهم يقدمون على الأمان الناتج عن الاقتراب الجسدي بحاضناتهم، من أجل اختبار قوة علاقاتهم. فتراهم يأتون ويذهبون وأعينهم تراقب مدى انتباه حاضناتهم لهم، ومدى تقديم الاهتمام العاطفي لهم. فهم - بمعنى أو بآخر – يمارسون الاستقلالية (Calkins & Hill 2007; Eisenberg, Hofer, & Vaughan 2007) كما أن أدمغة الأطفال تستعد في هذه المرحلة، لحياة لا تتمحور بشكل كامل حول القرب الجسدي من الحاضنة. وبناء على ردة فعل الحاضنات تجاه تصرفاتهم، يبدأ الرضع والفطم بحفظ الدروس المستفادة في أدمغتهم. مثاً، أي محاولات الاستكشاف المستقلة تعتبر مناسبة اجتماعياُ، وأيها غير مناسب. وأي الأنشطة يكون خطراً، مثل اللعب بالقرب من درج/ سلم ليس له بوابة حماية.
تتزايد مهارات التواصل واللغة لدى الأطفال بشكل كبير خال مرحلة الاستكشاف، ومع أن الأطفال لا يمكنهم أن ينطقوا إلا ببضع كلمات، إلا أنهم يستطيعون فهم الكثير. (Thompson 2011) الكلمات التي يسمعونها من الكبار تحفز مسارات التطور اللغوي لديهم في الدماغ. إن ما يهم ليس فقط الكلمات، وإنما أيضاً أنماط التواصل الكبرى- بمعنى ليس فقط ما يقال، وإنما كيف يقال وكيف يُتلقى (Pawl & St. John 1998). بعد عمليات التواصل المتبادل مع الحاضنات، يبدا الرضع ببناء إحساس بدائي بالذات. فيتوقعون الآتي:
إن الأفكار والعواطف والخبرات المشتركة التي يعالجها الدماغ النامي من خال التفاعات مع الكبار، لها تأثير عميق على تصرفات الطفل التكوينية وتصوره عن ذاته.
من عمر 15- 36 شهراً
خال المرحلة الثالثة، يصبح لدى الأطفال وعي بانفصالهم عن حاضناتهم، وعن أقرانهم، كما يصبح لديهم إحساس بذواتهم كأفراد. ويبدأون بعرض عواطف إدراك الذات، وخاصة تحسسهم من أحكام الآخرين (Vaughn, Kopp & Krakow 1984). فيشعرون بالخجل والاحراج بسهولة عندما ينتقد الآخرون سلوكهم أو مظهرهم ويبدؤون ببناء ما يسمى بالضمير.وتتميز هذه المرحلة ايضاً بانفجار نمو الدماغ في مجالات النمو المتعددة. (بالإضافة إلى النمو العاطفي الذي كان سائداً من قبل) من الناحية العقلية، يحتفظ الأطفال بالأفكار في أدمغتهم لفترة وجيزة، ويشاركون في اللعب الإيهامي، ويصبحون على نحو متزايد قادرين على تركيز انتباههم على الموضوعات، والناس، والأشياء التي يقدمها الآخرون. كما يزداد استخدامهم للغة المنطوقة بشكل كبير. يستخدمون كثيراً من الكلمات الجديدة وتراكيب الجمل المركبة. كما يطور الأطفال مهارات حركية وإدراكية تتيح لهم الركض بسرعة، وتسلق الأشياء المرتفعة، والضرب بقوة، مما يجعل من تطور ضبط الذات شيئًا في غاية الأهمية (Brownwell & Kopp 2007).
لحسن الحظ، فإن هذه المرحلة من التعرف على الذات، تساعد على الظهور المبكر للمهارات الوظيفية التنفيذية، والتي تشمل تطور الذاكرة العاملة، والمرونة العقلية، والتحكم في الذات (Center on the Developing Child 2012). وتؤثر هذه المهارات الناشئة على جميع مجالات التطور، وتزيد من قدرة الأطفال على استكشاف البيئة الاجتماعية والتعرف عليها – ويجتاز النزاعات مع الآخرين. وكلما اكتسب الأطفال فهماً أوضح لاهتمامات الاستقلال والانفصال كلما أدركوا أنه أصبح لديهم خيارات، والتي تعتبر، نوعاً ما، إطلاقاً لحرياتهم. ولكن مع الخيارات – ولا سيما التي تشمل الحاضنات والأقران- يأتي الإدراك الواضح للمسئولية. وهذا الخيار – قلق المسئولية يكون مأساة هذه المرحلة. ومرة أخرى، تلعب علاقات الرعاية دوراً بارزاً في كيفية بناء دماغ الأطفال الصغار. كما أن كيفية تفاعل الكبار خال هذه الفترة الزمنية من الحياة المفعمة بالتوتر يؤثر تأثيراً كبيراً على كيفية نظرة الأطفال لحقوقهم وحقوق الآخرين. أيضاً تعمل تفاعات الأطفال مع حاضناتهم، وأقرانهم والآخرين على تشكيل مستقبل أدمغتهم في المجالن العاطفي والاجتماعي. وتشكل خبرات الفُطّم في حياتهم اليومية توقعاتهم حول مكونات السلوك المناسب اتجاه الآخرين (Barry & Kochanska 2010). وتوفر هذه الخبرات دروساً لتطوير آداب السلوك والقيم الأخلاقية، والتحكم في الاندفاعات والعواطف، والتعلم والتكيف مع قواعد الأسرة والثقافة، والمجتمع. وكلما مر الأطفال الصغار بخبرة الاحساس المتزايد بالاستقلالية والتحكم في النفس، كلما استمرت قدرة أدمغتهم على ضبط السلوك في التطور، ولكنهم لا يزالون بحاجة لتوجيه الكبار، وهذا التوجيه غالباً ما يأتي من خال علاقات الرعاية.
سلوك الرعاية خلال مرحلة التعرف على الذات
الرعاية اليومية المتوقعة في بيئات آمنة ومحددة بوضوح، وذات استجابات محترمة، وتوجيه ثابت ومتوائم، توفر نوعاً من الرعاية التي تعزز ضبط الذات وبدايات وظيفة المسؤول.
إنّ الدماغ الصغير يريد من الكبار أن يتصرفوا بطريقة تحترم وتقدّر حقوق الطفل في أن يرغب، ويأمل، ويستكشف، ويُعبّر عمّا يفضله، وفي الوقت نفسه، عليهم مساعدة الطفل على تعلم احترام الحقوق المشابهة للآخرين. وعلى الرغم من أن الطفل ينمو ويكبر ويصبح أكثر استقلالية، إلا أن دماغه لا يزال ضعيفاً، وعرضة للخطر. لذلك، فإن علاقات الرعاية- بقواعد واضحة للسلوك يتم تطبيقها بطرق منطقية ومعقولة- يوفر السامة والأمان أثناء تطور الدماغ وتشكيله، ويضمن حصول الخبرات الفردية ودروس التنشئة الاجتماعية في بيئة متوازنة ومتوقعة.
الخلاصة
ما نتعلمه من علم الدماغ، يساعدنا على فهمٍ أفضل للعوامل المتعددة، التي تؤثر على تطور الأطفال الصغار، وتزودنا باستراتيجيات تقديم الرعاية التي تتماشى مع نمو الدماغ. إن تطور الدماغ يعالج في جوهره الطفل ككل – بدءاً من صحة الأم، وانتهاءً بخبرات الأطفال المبكرة المنبثقة من ثقافة أسر الأطفال ولغتهم، ومجتمعهم، وبرامج التعلم المبكر الخاصة بهم. إنّ أساس تطور الدماغ هو التطور الاجتماعي والعاطفي القائم على رعاية العلاقات. وإذا أدركت الحاضنات كيف أن خبرة الطفل ككل – وخاصة فترة التطور العاطفي- تؤثر على نمو الدماغ، فإنهن سيوفرن علاقات الرعاية التي تساعد الطفل على الشعور بالأمان والانفتاح على عالم جاذب من الاستكشاف والتعلم طوال السنوات المبكرة.
References
Atrash, H.K., K. Johnson, M. Adams, J.F. Cordero, & J. Howse. 2006. “Preconception Care for Improving Perinatal Outcomes: The Time to Act.” Maternal and Child Health Journal 10 (Supplement 1): 3–11.
Barry, R.A., & G. Kochanska. 2010. “A Longitudinal Investigation of the Affective Environment in Families With Young Children: From Infancy to Early School Age.” Emotion 10 (2): 237–49.
Bornstein, M.H. 2012. “Caregiver Responsiveness and Child Development and Learning: From Theory to Research to Practice.” In Infant/Toddler Caregiving: A Guide to Cognitive Development and Learning, ed. P.L. Mangione, 2nd ed. Sacramento: California Department of Education.
Brownell, C.A., & C.B. Kopp. 2007. “Transitions in Toddler Socioemotional Development: Behavior, Understanding, Relationships.” Chap. 1 in Socioemotional Development in the Toddler Years: Transitions and Transformations, eds. C.A. Brownell & C.B Kopp, 66–69. New York: Guilford.
Calkins, S.D., & A. Hill. 2007. “Caregiver Influences on Emerging Emotion Regulation: Biological and Environmental Transactions in Early Development.” Chap. 11 in Handbook of Emotion Regulation, ed. J.J. Gross, 229–48. New York: Guilford.
Center on the Developing Child. 2007. The Impact of Early Adversity on Child Development (InBrief). http://developingchild.harvard.edu/resources/inbrief-the-impact-of-early....
Center on the Developing Child. 2012. Executive Function (InBrief). http://developingchild.harvard.edu/resources/inbrief-executive-function.
Drury, S.S., K.P. Theall, A.T. Smyke, B.J. Keats, H.L. Egger, C.A. Nelson, N.A. Fox, P.J. Marshall, & C.H. Zeanah. 2010. “Modification of Depression by COMT val158met Polymorphism in Children Exposed to Early Severe Psychosocial Deprivation.” Child Abuse and Neglect 34 (6): 387–95.
Eisenberg, N., C. Hofer, & J. Vaughan. 2007. “Effortful Control and Its Socioemotional Consequences.” Chap. 14 in Handbook of Emotion Regulation, ed. J.J. Gross, 287–306. New York: Guilford.
Gopnik, A. 2016. The Gardener and the Carpenter: What the New Science of Child Development Tells Us About the Relationship Between Parents and Children. New York: Farrar, Straus, and Giroux.
Greenspan, S.I. 1990. “Emotional Development in Infants and Toddlers.” In Infant/Toddler Caregiving: A Guide to Social-Emotional Growth and Socialization, ed. J.R. Lally, 15–18. Sacramento: California Department of Education.
Hamburg, D.A. 1995. “President’s Essay: A Developmental Strategy to Prevent Lifelong Damage.” www.carnegie.org/media/filer_public/af/ae/afae9e53-c3c4-47db-a444-a2bfb7....
IOM (Institute of Medicine) & NRC (National Research Council). 2015.Transforming the Workforce for Children Birth Through Age 8: A Unifying Foundation. Washington, DC: National Academies Press.
Kent, H., K. Johnson, M. Curtis, J.R. Hood, & H. Atrash. 2006. “Proceedings of the Preconception Health and Health Care Clinical, Public Health, and Consumer Workgroup Meetings.” Atlanta, GA: Centers for Disease Control and Prevention, National Center on Birth Defects and Developmental Disabilities. www.cdc.gov/preconception/documents/workgroupproceedingsjune06.pdf.
Lally, J.R. 2006. “Metatheories of Childrearing.” Chap. 2 in Concepts for Care: 20 Essays on Infant/Toddler Development and Learning, eds. J.R. Lally, P.L. Mangione, & D. Greenwald, 7–14. San Francisco: WestEd.
Lally, J.R. 2013. For Our Babies: Ending the Invisible Neglect of America’s Infants. New York: Teachers College Press.
Marvin, R.S., & P.A. Britner. 2008. “Normative Development: The Ontogeny of Attachment.” Chap. 12 in Handbook of Attachment: Theory, Research, and Clinical Applications, eds. J. Cassidy & P.R. Shaver, 2nd ed. New York: Guilford.
NRC (National Research Council) & IOM (Institute of Medicine). 2009. Preventing Mental, Emotional, and Behavioral Disorders Among Young People: Progress and Possibilities. Washington, DC: National Academies Press.
Pawl, J.H., & M. St. John. 1998. How You Are Is as Important as What You Do … in Making a Positive Difference for Infants, Toddlers, and Their Families. Washington, DC: ZERO TO THREE.
Schore, A.N. 2000. “Attachment and the Regulation of the Right Brain.” Attachment and Human Development 2 (1): 23–47.
Schore, A.N. 2003. Affect Dysregulation and Disorders of the Self. Norton Series on Interpersonal Neurobiology. New York: Norton.
Schore, A.N. 2005. “Attachment, Affect Regulation, and the Developing Right Brain: Linking Developmental Neuroscience to Pediatrics.” Pediatrics in Review 26 (6): 204–17.
Shonkoff, J.P., & D.A. Phillips, eds. 2000. From Neurons to Neighborhoods: The Science of Early Child Development. Washington, DC: National Academies Press.
Thompson, R.A. 2010. Connecting Neurons, Concepts, and People: Brain Development and Its Implications. Policy Facts series. New Brunswick, NJ: National Institute for Early Education Research, Rutgers Graduate School of Education.
Thompson, R.A. 2011. “The Emotional Child.” Chap. 2 in Minnesota Symposia on Child Psychology: The Origins and Organization of Adaptation and Maladaptation, eds. D. Cicchetti & G.I. Roisman. Hoboken, NJ: Wiley.
Vaughn, B.E., C.B. Kopp, & J.B. Krakow. 1984. “The Emergence and Consolidation of Self-Control From Eighteen to Thirty Months of Age: Normative Trends and Individual Differences.” Child Development 55 (3): 990–1004.
Photographs: 1 © iStock; 2, 3, 4, 5, © WestEd
J. Ronald Lally, EdD, is the codirector of the Center for Child and Family Studies at WestEd, a research development and service agency based in San Francisco. He codirects the Program for Infant and Toddler Care and is one of the founders of ZERO TO THREE: National Center for Infants, Toddlers, and Families.
Peter Mangione, PhD, is codirector of the Center for Child and Family Studies, WestEd, in Sausalito, California. Peter is one of the principal developers of the Program for Infant/Toddler Care, a comprehensive approach to professional development of infant and toddler care teachers. [email protected]